وثقت 6500 مسرحية منذ عام 1870 (حوار)

وثقت 6500 مسرحية منذ عام 1870 (حوار)

[ad_1]

بديعة مصابنى قدمت مسرحيات وطنية تقاوم الاستعمار منها «ابن النيل وابن سوريا»

أول فنانة مصرية تقتحم مجال الإخراج المسرحى كانت فاطمة رشدى

منيرة المهدية أول فنانة تغنى وتمثل وتنشئ فرقة تحمل اسمها

إذا حاولت البحث عن مسرحيات قديمة من باب المتعة أو الفضول، فلن تجد إلا عددًا قليلًا يرجع لفترة خمسينيات وستينيات القرن الماضى، على الرغم من أن مصر عرفت المسرح منذ عام ١٨٧٠. 

١٥٠ عامًا من تاريخ المسرح المصرى بكل دقاته وارتباكاته، لكن هناك الكثير من التساؤلات حوله: كيفية انطلاق شرارته الأولى؟ وكيف تشكلت ملامح الظاهرة المسرحية فى مصر، التى نجحت فى استقطاب جمهورها بتقديم عروض تحقق له المتعة وفى نفس الوقت تعبر عن واقعه الاجتماعى والثقافى والسياسى؟

معظم الأسئلة، إن لم تكن جميعًا، يحمل إجابتها المؤرخ المسرحى والناقد د. عمرو دوارة، الذى انتهى من إعداد مشروع «موسوعة المسرح المصرى المصورة»، التى تتضمن ١٧ جزءًا، تم من خلالها توثيق أكثر من ٦ آلاف مسرحية، منذ عام ١٨٧٠ حتى ٢٠١٥، ولم يكتف الرجل بمعرفة أسماء العروض وصناعها فقط، بل أرفق فى موسوعته صورًا نادرة لمسرحيات عظيمة، وأوضح- أيضًا- الدور السياسى الذى لعبه المسرح المصرى، فى مراحل تاريخية مختلفة، لمقاومة الاستعمار أو فساد القصر.

«الدستور» حاورت المؤرخ الكبير، لمعرفة تفاصيل إنجازه العظيم الذى استغرق ٢٥ عامًا، ليقدم- لأول مرة- مرجعًا متكاملًا لتاريخ المسرح المصرى، لا تشوبه معلومة مشكوك فيها، وأعاد الحياة لصنّاع المسرح المصرى من جديد. 

■ بداية.. ما تفاصيل المشروع الضخم الذى عكفت على كتابته طوال ٢٥ عامًا؟

– المشروع عبارة عن موسوعة تضم تفاصيل نحو ٦ آلاف و٥٠٠ عرض مسرحى، هى مجموع العروض الاحترافية التى جرى إنتاجها منذ عام ١٨٧٠، بدءًا من مرحلة الشاعر والمسرحى والصحفى والمترجم المصرى يعقوب صنوع، وخصصت صفحتين لكل مسرحية لتوثيق البيانات الخاصة بها، التى تشتمل على اسم العرض والفرقة المنتجة وتاريخ الإنتاج وأسماء جميع المبدعين المشاركين فى تقديمه «المؤلف والمخرج ومصمم الديكور والملحن ومجموعة الممثلين».

وأود أن أشير إلى أن بعض المؤرخين حاولوا التأريخ فى الماضى للمسرح المصرى، وفى مقدمتهم محمد تيمور وفؤاد رشيد والدكتور محمد يوسف نجم والدكتور يوسف داغر والدكتور رمسيس عوض والدكتور على الراعى وفؤاد دوارة وسمير عوض والدكتورة نجوى عانوس والدكتور سيد على إسماعيل والدكتور نبيل بهجت، لكن على الرغم من هذه الجهود فقد ظلت مساحات كبيرة من تاريخنا المسرحى مجهولة، فهناك بعض الفرق والعروض المسرحية التى اندثرت تمامًا.

لذا اجتهدت- من خلال هذه الموسوعة- لمحاولة استكمال أجزاء الصورة الناقصة والمبعثرة، ولمحاولة الإجابة عن كثير من الاستفسارات، خاصة تلك المرتبطة ببدايات الحركة المسرحية فى مصر.

■ لماذا لم يجر توثيق الأعمال المسرحية مثلما حدث مع السينما؟

– تعرض المسرح لظلم كبير فيما يخص التوثيق، مقارنة بالسينما، لأنه بدأ فى مصر قبلها بنصف قرن تقريبًا، ولعدم وجود أى طريقة حديثة للتوثيق آنذاك، فضلًا عن عدم اهتمام بعض الفنانين بتوثيق أعمالهم أو بكتابة مذكراتهم.

وهناك مشكلة أخرى، هى أن المذكرات عادة لا يمكن الوثوق فى معلوماتها بشكل دائم، لأن كاتبها قد ينسى أو يضخم إنجازاته أو يسعى لتصفية حسابات مع بعض الزملاء.. كل هذه أمور واردة ويراعيها المؤرخ.

وفى ذلك الوقت لم تكن هناك مجلات فنية أو حركة نقدية كبيرة، ولم يكن هناك مؤرخون متخصصون فى التوثيق المسرحى، وهو وضع يشبه ما يحدث الآن.

يكفى أن أذكر أن «المركز القومى للمسرح» تأسس فى بدايات الستينيات، كإدارة صغيرة فقط، أى بعد مرور ما يقرب من ١٠٠ عام من بداية المسرح المصرى الحديث.

■ ما أهم المعلومات التى توصلت إليها خلال رحلة بحثك؟

– هذه الموسوعة اقتحمت مناطق مجهولة من حياتنا المسرحية لأول مرة، وتضم معلومات مهمة عن «مسارح الصالات»، على سبيل المثال، فى منتصف ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضى، التى قدمت ما يزيد على ٤٠٠ مسرحية، شارك فى تقديمها كبار الكتّاب، مثل: «بيرم التونسى وأمين صدقى وبديع خيرى وأبوالسعود الإبيارى»، وأخرجها فنانون كبار، مثل: «عزيز عيد وبشارة واكيم وعبدالعزيز خليل».

وشارك بالتمثيل فى المسرحيات المشار إليها نجوم كثيرون، مثل: على الكسار وفاطمة رشدى وبديعة مصابنى وفتحية أحمد ورتيبة وأنصاف رشدى وببا عزالدين وإسماعيل يس وتحية كاريوكا.

كما تضم الموسوعة معلومات عن جميع المسرحيات المصورة، أو «المعلبة»، التى جرى إنتاجها خصيصًا للتصوير التليفزيونى، خلال فترة السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضى، وعددها يزيد على ٥٠٠ مسرحية.

وتضم الموسوعة- أيضًا- معلومات عن عروض بعض الفرق المجهولة التى أسسها بعض النجوم، ومنها فرقة «أولاد عكاشة»، التى انبثقت عنها عام ١٩٢٦ فرقة «فيكتوريا موسى».

■ كيف كانت المعالجات الدرامية لمسرحيات الصالات؟

– نجحت تلك المسرحيات فى تقديم معالجات درامية لبعض القضايا الاجتماعية المهمة، ويكفى أن نذكر أسماء بعض العروض التى قدمت فى الصالات خلال تلك الفترة، لإيضاح ذلك، ولتأكيد تلك الحقائق، ومن بينها ما قدم فى صالة ببا عزالدين: «أزمة عمال» و«خد بالك» و«إيد على إيد» و«محطة العواطلية»، وجميعها تعالج قضايا البطالة وسوء أحوال المعيشة بصفة عامة.

كما قدم بعض الصالات، خلال هذه الفترة، مسرحيات وطنية دعت لمقاومة المستعمر البريطانى بصورة مباشرة أو غير مباشرة.

ومن المسرحيات المباشرة، المسرحية التى قدمتها المطربة فتحية أحمد بصالتها بعنوان «أنا المصرى»، عام ١٩٣٣، وكذلك بعض المسرحيات التى قدمتها الفنانة بديعة مصابنى بصالتها ومن بينها: «عصبة الأمم» عام ١٩٣٢، و«ابن النيل وابن سوريا» عام ١٩٣٤، و«درس فى التاريخ» عام ١٩٤١.

■ ما أطول الفرق المسرحية عمرًا؟

– فرقة «الريحانى» بلا شك، فقد عملت منذ ١٩١٦ حتى ١٩٨٤، إذ استمرت بعد رحيله بفضل صديق عمره بديع خيرى وأولاده، وتليها فرقة «رمسيس» ليوسف وهبى، إذ أعاد تكوينها أكثر من مرة خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضى.

فى المقابل، هناك فرق هى الأكثر إنتاجًا فى النصف الثانى من القرن العشرين، على رأسها فرقة إسماعيل يس «١٩٥٥- ١٩٦٦»، وتليها مباشرة فرقة المتحدين «١٩٦٦- ٢٠١٠».

وكان أول فنان مصرى يشارك بالغناء والتمثيل المسرحى ثم يؤسس فرقة هو الفنان سلامة حجازى. وكانت أول فنانة مصرية تشارك بالتمثيل والتأليف المسرحى هى لطيفة عبدالله فى نهايات القرن التاسع عشر من خلال فرقة «ميخائيل جرجس». وأول فنانات شاركن بالتأليف بعد ذلك هما دولت أبيض وأمينة رزق.

وكانت أول فنانة مصرية تشارك بالغناء والتمثيل ثم تقوم بتأسيس فرقة باسمها وأول فنانة مصرية تقتحم مجال الإخراج المسرحى هى الفنانة فاطمة رشدى.

■ لماذا حققت الفرق القديمة نجاحًا أكبر من مثيلاتها الحديثة؟

– استطاع الرواد- بصدقهم وتضحياتهم- تغيير نظرة المجتمع للفنانين، كما نجحوا فى تأسيس المعهد العالى للتمثيل، وأيضًا تأسيس نقابة للفنانين، وقبل كل ذلك تأسيس عدد كبير من الفرق المهمة التى صقلت موهبة عدد كبير من الهواة، وفى مقدمتها فرق: سلامة حجازى «١٩٠٥» وأولاد عكاشة «١٩١١» وجورج أبيض «١٩١٢» وفرقة منيرة المهدية «١٩١٦» والريحانى «١٩١٦» وعلى الكسار «١٩١٦» ورمسيس «١٩٢٣» وفاطمة رشدى «١٩٢٧». 

ويحسب لفرقة فاطمة رشدى ترجمة وتعريب وتمصير واقتباس وإعداد عدد كبير من عيون الأدب المسرحى، ما شجع هواة الكتابة والتأليف على تقديم مؤلفاتهم المسرحية بعد ذلك.

■ كيف تشكلت فرقة يعقوب صنوع؟

– فرقة «يعقوب صنوع» كانت تتويجًا لفنون الفرجة الشعبية التى نجحت فى تحقيق جماهيرية كبيرة، من خلال عروض «الحكواتى وخيال الظل والأراجوز والمحبظاتية وأولاد رابية»، فقد وفق الرائد يعقوب صنوع فى توظيف هذه الفنون من خلال القالب المسرحى الغربى، الذى شاهده بعروض بعض الفرق الأجنبية التى عرضت بمصر، وأيضًا بإيطاليا وفرنسا أثناء جولاته ودراسته.

■ لماذا توترت علاقته بالخديو إسماعيل آنذاك؟

– غضب الخديو إسماعيل من عرضىّ «الضرتين» و«الوطن والحرية»، اللذين قدمهما يعقوب صنوع عام ١٨٧٢، وبعد أن كان يشجعه ويفتح له أبواب قصره وأطلق عليه لقب «موليير مصر»، قرر معاقبته، عبر وقف فرقته المسرحية ثم نفاه إلى فرنسا عام ١٨٦٨.

وحسب بعض الروايات فإن «صنوع» الذى كان يجيد التنكر ظل يتجول بالأقاليم ويقدم بعض عروضه بأسماء مستعارة خلال ست سنوات، إضافة إلى سفره للخارج أكثر من مرة. 

ما يهمنا أن مجموعة الهواة الذين عملوا بفرقته خلال عامين قد استمروا ببعض الفرق الأخرى، كفرقة «شبا مصر الوطنى» لإبراهيم حجازى، كما عمل بعضهم مع الفرق الشامية التى قدمت إلى مصر، وبالتالى فإن تأثير هذه الفرقة الرائدة استمر حتى بعد نفيه.

■ هل الأوضاع السياسية فى مصر أثرت فى تاريخ المسرح؟

– نعم، فالمسرح جزء من منظومة فنية وهى جزء من منظومة أكبر ثقافية واجتماعية واقتصادية وسياسية، ويمكن- على سبيل المثال- رصد وتوثيق تلك الأعمال التى مهدت للثورات المختلفة «عرابى وسعد زغلول ويوليو ويناير»، وكذلك رصد مدى تأثر العروض المسرحية بتلك الثورات. 

يكفى أن نذكر ذلك التأثير الكبير لثورة يوليو ١٩٥٢، بدءًا من احتضان وتشجيع فرقة «المسرح الحر»، ومرورًا بتأسيس عدد كبير من الفرق، ومن أهمها: «الجيب»، وفرق التليفزيون «الحديث والكوميدى والعالمى والحكيم»، والفرق الغنائية الاستعراضية. 

■ ما المشكلات التى واجهتك أثناء العمل؟

– غياب المراكز البحثية المتخصصة، وندرة المعلومات والوثائق بالمركز القومى للمسرح مقارنة بهذا الإنتاج المسرحى الضخم على مدى أكثر من ١٤٠ عامًا، وكذلك غياب الدوريات المسرحية من مجلات متخصصة أو صفحات مسرحية بالصحف والمجلات خلال بعض الفترات سنوات طويلة متتالية، وأيضًا وجود كم كبير من الأخطاء والمغالطات الفنية والتاريخية بمذكرات بعض كبار الفنانين، وذلك سواء عن عمد- لتعظيم دورهم- أو كنتيجة طبيعية لضعف الذاكرة الشخصية بفترات الشيخوخة أثناء كتابتهم مذكراتهم.

وهناك مشكلة أخرى، هى تقديم النص الواحد بأكثر من اسم، سواء بالفرقة نفسها أو من خلال فرق أخرى، حتى إن بعض النصوص قدمت بأكثر من أربعة أسماء، ومثال لذلك تقديم «تاجر البندقية» بعنوانىّ «الصراف المنتقم وتاجر فينسيا»، و«روميو وجوليت» بعنوانىّ «شهداء الغرام وشقاء المحبين».



[ad_2]

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

close